قبل سفري إلى الهند سمعت الكثير من التعليقات والاحباطات السلبية، التي من ضمنها أنني سأسافر إلى بلد غير متحضر يعرف بقلة النظافة والأجواء الحارة والازدحام، حتى قيل لي أنني ساكتشف بنفسي أنني لم أختار البلد المناسب وأن اموالي قد ضاعت هدرا، لكن هذا البلد الذي يتميز بشعبه و حضارته التي تعود إلى آلاف السنوات كانت بالفعل بانتظاري بأجمل المفاجآت.. كان ذلك رأي الاستاذة كاترين جريس في تقريرها ” رحلتي الممتعة إلى الهند” .
رحلتي الممتعة إلى الهند كانت تحديدا في شهر اغسطس إلى جنوب الهند، إلى ولاية Karnataka، واتنقلت ما بين العاصمة بنجالور، وهي مدينة كبيرة يعيش بها الكثير من الجنسيات المختلفة مع طلاب من كل أنحاء العالم و تعتبر مركز الIT في الهند، و ما بين الجبال و شلالات المياه والغابات الغير محدودة، والاشجار التي تصل إلى السماء ومزارع القهوة و الفلفل الاسود في Chickmagalur، استمتعت كثيرا بروعة الجمال المبهر في هذه المنطقة، ولم اتمكن حينها من أن ارفع يدي من علي الكاميرا خوفا من أن انسي كل هذا الجمال بعد عودتي، فالأجواء هناك كانت لطيفة جدا بنسمة برد خفيفة و أمطار متقطعة و الرطوبة العالية الغير مؤذية، والتي كانت تلطف كثيرا من حرارة الشمس.. وفي السطور التالية سألخص ملاحظاتي عن الهند كبلد و ثقافة التي تفاجأت بها في عشر نقاط:
1.البنات و الفتيات هناك يقودون الدراجات النارية بمختلف مستوياتهم، بداية من سيدات البيوت بالساري العائدين بأطفالهم الصغار من المدارس، إلى الموظفات المتوجهين إلى شركاتهم وأعمالهم بالملابس الرسمية، والجميع يرتدي الخوذة.
2.التوكتوك هناك برخصة و عداد و نظيف جدا، كما أن السائقين هناك محترمين ورقم قسم الشرطة مكتوب علي ظهر كرسي السائق، بحيث أنه في حال وجدت مشكلة مع السائق تتصل بهم على الفور.
3.أما عن المترو.. عند دخولك إلى المترو، سيتم فحص حقائبك وفحصك بشكل كامل، فهناك بوابات الكترونية و تفتيش ذاتي للرجال والنساء، وهناك يوجد أيضا علي كل بوابة دخول و خروج سيدات من الشرطة لفحصك، وعندما تذهب للركوب يكون هناك ظابط علي كل رصيف يمنع الركاب المنتظرين بحاجز، إلى أن يأتي القطار، وللعلم وراء الحاجز ستجد الركاب يقفون في طابور علي كل باب بمنتهي النظام، على أن يكون الصعود للمترو من أحد الجوانب، و النزول من الوسط، كقاعدة مقدسة لا يجرؤ أحد على عدم الالتزام بها.
4. في افقر القري شاهدت اطفال المدارس في الشارع يرتدون زي المدرسة، بما في ذلك القميص الابيض النظيف، فضلا عن الشورت و الكرافتة، فالفقر لا يعني عدم احترام المدرسة او التعليم.
5. الكنيسة تقع بجانب المعبد (فيه الاف الآلهة و الاديان) وبجانب المساجد، فالجميع يحترم الأخر مهما اختلف معه، وهذا الأمر ستجده على حدا سواء في أرقي أحياء المدينة و في أفقر القري.
6. في العادة لا ينظر شخص لشخص أخر هناك، رغم أن مظهرنا ملفت بالنسبة لهم و ملابسنا مختلفة، وفي الحقيقة أنا من كنت انظر إليهم.
7.يعرف المناخ في الهند بالأمطار المتواصلة بالشهور، و قد كانت رحلتي في موسم الأمطار نفسه، و كنا معظم الوقت نتنقل بالسيارة، ورغم ذلك، لم نرى أي تجمع مياه ابدا موجود علي الطريق، فخلال 4 شهور من الأمطار المتواصلة لا يوجد حتي بركة مياه على الارض، وذلك في اكثر القري فقرا وسط الغابات و المزارع.
8. الهنود يتميزون بالحفاظ علي البيئة وحب الطبيعة بدرجة كبيرة، حتى إن إعادة التدوير هناك ثقافة عامة، فضلا عن أن الحياة البرية مقدسة و التعرض ليها يقود إلى السجن، وفي حال قطع شجرة (من وسط الملايين في الغابة) يحتاج القائم بذلك إلى تصاريح صعبة.
9.في اي محل هناك لديك اختيارين؛ إما أن تحضر معك حقيبتك، وتأخذ بها احتياجاتك، وأما أن تدفع ثمن الحقائب التي ستحتاج إليها عند شراء احتياجاتك، خاصة أنه لا يوجد هناك أي أكياس بلاستيكية إطلاقا.. فقط بعض المحلات الفاخرة تقدم لعملائها حقيبة ورق أو قماش مجانا.
في السوبر ماركت كل منتج مطبوع عليه السعر علي العبوة الاصلية نفسها، حتي المنتجات المستوردة عليها ورقة باركود بالسعر المحلي في الهند، فبالتالي لايوجد اختلاف في الأسعار بين مختلف المحال والمراكز التجارية.
10. سائق المترو فتاة في العشرينات.. ولا أجد الكثير من الحديث بعد ذلك.
وفي النهاية تقول كاترين جريس؛ الهند بلد الجبال الخضراء و الانهار و الشجر و الألوان و التقاليد الجميلة و الناس الودودة جدا، ولها سحر خاص دفعني لاكتشاف جمالها الحقيقي وأقع في حبها، وبالفعل كان فراقها صعب بالمقارنة مع أي بلد او مكان قمت مسبقا بزيارته خلال رحلاتي.
